لا أعرف من أین سأبدأ و إلی أین سأنتهي، فإن قلمي متجمد بین أصابعي و ها أنا ذا أکتب بید مرتعشة و قلم کسیر و لسان عاجز عن التعبیر حول زیارتنا إلیٰ إحدٰی المدارس الحکومیة التي تقع قریبة من مدرستنا….حراء فاؤندیشن.

و حقیقة الأمر أن مدیرتنا قد قررت هذا العام أن جمیع الطالبات من الصفوف الثانویة سیقضین ما لا یقل عن ثماني ساعات سنویا في خدمة المجتمع الباکستاني حیث تمد الطالبات ید المساعدة و العون إلی الأطفال الذین هم لیسوا من طبقات ممیزة في المجتمع بزیارة المدارس الحکومیة و إلقاء المحاضرات علیهم و إهداء الکتب و القرطاسیة إلیهم وما إلٰی ذلک من أعمال خیریة.

فیوم السبت الماضي، لثلاث عشرة لیلة خلون من اکتوبر ۲۰١۸، انطلقنا من مدرستنا في تمام الساعة الثامنة صباحا، منشرحي الصدر مبتهجي الفؤاد، حاملین معنا عددا من الهدایا لطلاب المدرسة الحکومیة التي کنا نقصدها. فالهدایا کانت عبارة عن کتب التسلیة و القصص للصغار، و بعض الوجبات الخفیفة من رقائق البطاطس و الشوکولاتة و القرطاسیة المتنوعة لتوزیعها علی الأطفال الصغار الذین لا یجدون سبیلا إلی المدارس الخاصة لأجل ظروفهم الصعبة.

و بعد نصف ساعة و جدنا أنفسنا أمام مدرسة متواضعة مسماة بالمدرسة الحکومیة للبنات. فتجولنا حولها بینما شکرنا الله تعالی من أعماق قلوبنا و رطبنا ألسنتنا بحمد الله علی نعمه العظیمة و آلائه الجسیمة التي أنعمها علینا من غیر استحقاق و لا منة.

کما غمرتنا الفرح و السرور برؤیة هذه المدرسة فإننا کنا نظن أنها ستکون مهجورة، مسودة الجدران، متشققة البنیان  بمرور السنین ولکننا وجدناها وقد طلیت جدرانها بصبغ جدید لماع و قد حافظت علیها الحکومة و المجتمع مهما أمکن و کیفما أمکن  إلا أننا رأینا أنها بحاجة ماسة إلیٰ المرافق الأساسیة لأي مدرسة کالمراوح و الکهرباء و الحاسوب و الملعب للأطفال.

و لما أن معلمتنا قد قسّمتنا إلٰی فرق متنوعة، فکنتُ مع الفریق الذي زار الصف الرابع. فوجدت الطلاب و قد علا وجوههم الفرح و الحماس بمجرد رؤیتنا. أما بالنسبة إلینا فانبسطت أساریر وجوهنا عندما لاحظنا الطلاب لابسین الزي النظیف حاملین الکتب في أیدیهم و روح الأمل و الاجتهاد و العزم بادیا علٰی وجوههم بغض النظر عن الفقر و البؤس والظروف المالیة الصعبة و الحقائق المؤلمة التي یواجهونها في بیوتهم.

فبعد التحیة و التعارف شرعنا في تدریسهم الآداب الأساسیة للأکل و الشرب وفقا للسنة النبویة علی صاحبها الصلاة و السلام ثم طلبنا منهم أن یرسموا ما يشاؤون و قد أخذتنا الحیرة و الفرح في الوقت نفسه عندما رأینا أن أکثرهم رسموا العلم الباکستاني و أجابونا عندما سألناهم عن أحلامهم أن أغلی أمنیة لدیهم الدفاع عن وطنهم الحبیب و المحافظة علی ثغوره. ثم قمنا معهم ببعض الألعاب التعلیمیة و تمتعنا سویا.

و أخیرا حان وقت الرجوع، ولم ننتبه لمرور الوقت فإنه مضی  کحلم جمیل قد تحقق. فودّعناهم و رکبنا حافلتنا و الأطفال یلوحون إلینا بأیدیهم متلهفین.

لقد استفدنا من هذه الزیارة أیما استفادة و أدرکنا إمکانیات غیر مستغلة لبلدنا کما جعلتنا هذه الزیارة نعترف بنعم الله التي لا تعد و تحصی. فحقا إن قدر النعمة لا یعرف إلا عند فقدانها. فالحمد لله أولا و آخرا.  

     هادیة جاوید    

الصف الحادي عشر

Similar Posts