بسم الله أبدأ، وعليه أتوکل،
فهذه نفثات صدر و عبرات عین و زفرات نفس و قطرات أفکار أهديها إلیکم أیها السامعون الکرام متحدثا حول هذا الموضوع
منهج المؤمن في الفتن
فالفتن جمع فتنة، و هي الابتلاء والامتحان والاختبار للمکروه، ثم أطلقت علی کل مکروہ کالإثم، و الکفر، و القتل، والتحریق، و ما إلی ذالک من الأمور المکروهة.
فلا شک، أن ریح الفتنة الهوجاء قد عصفت فی الأمة المحمدیة، واشرأبت عنق الشر، وأطلت الفتنة برأسها، وانبعثت نارها، وامتدّت ألسنتها تضربها الریاح الأربع، و تسوقها إلی کل مکان، وانبعثت جیوشها کالجراد یأکل الأخضر و الیابس، و تفعل باالأمة کما تفعل النار مع الهشیم.
فما موقف المؤمن أیها السامعون الکرام؟ فلننظر إلی هذا بمنظار واقعيّ!! … فیجب علی المؤمن أن یعتصم بحبل الله، ویتخذ منهج الإسلام دستوراً لحیاته، ویهتدي بهدي النبی الاکرمﷺ، ویعض علیه بالنواجذ مطابقا لقول النبی الاکرم ﷺ :
’علیکم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدین المهدیین عضوا علیها بالنواجذ‘
فالمؤمن یاخذالمعرفة من المعین الأصیل، و ینسج حیاته علی منوال الصحابة الکرام رضوان الله علیهم أجمعین قد امتلأت صدورهم بمعانی الإیمان… فکان إیمانهم أعمق من أن تقتلعه أعاصیر أبی سفیان و أثبت من ان یزعزعه أبوجهل… ها هي ذی بنت محمد ﷺ تقول:
صُبّت علی مصائب لو أنها
صُبّت علی الأیام صرن لیالیا
ولکنهم رضي الله عنهم تلقوا المصائب و المکاره بجُنة الصبر وعدة الإیمان.
فعلی المؤمن ألا یخرج عن نطاق الإیمان، ولو یمشط لحمه عن عظمه بأمشاط من حدید، ولایبالی علی أي جنب یکون لله مصرعه. ولا یتحقّق ذلک إلا أن ینضمّ إلی حظیرة الإسلام و جماعة الحق یجمعها إیمان ثائر راسخ الفتوة، و أخوة مذهلة لا تفرق بین البشر، ویوحدها الفکر و الأنسجام والمصلحة العامة البريئة من کل أنانیة و نزعة شخصیة کأنها هي الصورة الصادقة لقول رسول اللهﷺ
’مثل المؤمنین في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم کمثل الجسد الواحد اذا اشتکی منه عضو تداعی له سائر الأعضاء بالسهر و الحمی‘
فلیختر المؤمن إحدی الحسنیین فالحسنة الأولی أن یقف أمام الفتن، و یجهر بکلمة الحق مهما کانت ثقیلة الوطأة شدیدة التبعات، إلی أن تعلو کلمة الله أو یلقی الموت بصدره ویدفع روحه ثمنا لهدایة الناس. والحسنة الأخری أن یلجأ إلی مکان لا تناله المطایا و یتواری بعیدا حتی لا یتلوث بأدران المادیات ویخفی فی غار لایعرف طریقه الا عباد الله الصالحون لقول رسول الله ﷺ.
وأخیرا نعوذ بالله من جمیع الفتن ما ظهر منها و ما بطن.
بریشة قلم
معلمة خنساء ظهیر